بمعنى تكون، أو توجد، على حال من الاستقرار والثبات.. يقال غنى بالمكان، أي أقام فيه واستقرّ.
وفى إسناد الاستقرار إلى الأرض، مع أن الاستقرار إنما هو لأهلها، إشارة إلى أنها بما لبسها من حياة، وما نبض فى عروقها وشرايينها من دماء هذه الحياة، وما تزينت به من حلل وحلى. قد أصبحت كائنا حيّا، مستغنيا بما اجتمع له من هذا المتاع والزخرف..
وفى تشبيه الحياة الدنيا، وما يلبس الناس فيها من ألوان الحياة والسلطان، وما يقع لأيديهم منها من مال ومتاع- فى تشبيه هذه الحياة بالماء الذي ينزل من السماء، فيختلط بنبات الأرض، ويلبس هذه المظاهر التي يشكلها من هذا النبات، ويصيرها جنّات وزروعا، وزهرا، وفاكهة وحبّا..
- فى هذا التشبيه إعجاز من إعجاز القرآن، وآية من الآيات الدالة على علوّ متنزّله..
فالإنسان عنصر من عناصر هذه الحياة، ومادة من موادها.. إنه ماء من هذا الماء.. هكذا هو فى أصله ومادة تكوينه.. يقول تبارك وتعالى: «أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ» (٢٠: المرسلات).
ويقول سبحانه: «خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً» (٥٤: الفرقان).. ويقول جل شأنه: «فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ» (٥- ٦: الطارق).
هذا الإنسان الذي هو ابن الماء.. يخالط الحياة، ويتحرك فى أحشاء الوجود، وسرعان ما يصبح هذا الكائن، أو هذا الكون الذي يمشى على الأرض، وكأنه جنة قد أخذت زخرفها وازينت.. بملأ الأرض تيها وعجبا، ويمشى عليها مختالا فخورا، يكاد يخرق الأرض أو يبلغ الجبال طولا..
وهذا الماء الذي ينزل من السماء، ويختلط به نبات الأرض، وقد عرفت