عبدوهم وأشركوا بهم، وكانوا يتأسّون بمشاركتهم فيما سيقع لهم، ففى هذه المشاركة عزاء لهم أي عزاء.. كما تقول الخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولى | على إخوانهم لقتلت نفسى |
و «إن» هنا هى «إنّ» المؤكدة، خفّفت.. أي إننا كنا عن عبادتكم لغافلين.
وإنكار العبودية على المشركين أنّهم عبدوهم، مع أن الله سبحانه وتعالى أعلمهم بهذا، إذ جمعهم بعابديهم- هذا الإنكار يراد به أن هذه العبادة لم تكن عن علم من المعبودين، أو عن دعوة منهم لعابديهم.. فهو تقرير لواقع الأمر، حين وقعت هذه العبادة، وذلك أنهم إنما كانوا يعبدون أصناما جامدة، وأحجارا صمّاء، لا تدرى من أمر عابديها شيئا.. أو بشرا اتخذوهم آلهة لهم بعد موتهم، كما قالت اليهود عن عزيز، وكما قالت النصارى عن المسيح.. وهذا ما يشير إليه قولهم بعد هذا «فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ».
قوله تعالى: «هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ» «تبلو» : من الابتلاء، وهو الاختيار للشىء، والتعرف على حقيقته..
و «أسلفت» أي ما سلف لها من عمل، وما كان لها من سعى..