يقول: «يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا.. لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ» (٣٢: الرحمن) ففى الآية الكريمة إغراء وتحريض لعالمى الإنس والجن، على التسابق فى ارتياد هذا الكون، والنفوذ من أقطار السموات والأرض، والغوص فى أعماقهما، ولكن ذلك لا يكون إلا لمن ملك بين يديه القوة التي تمكن له من اخترق أطباق الأرض، وأجواء السماء، وتلك القوة هى التي أشارت إليها الآية الكريمة بكلمة «سلطان».. والسلطان الذي يمنح الإنسان تلك القوة، هو العلم..
فبسلطان العلم يمتلك الإنسان القوة، وبتلك القوة وبالقدر الذي يحصل عليه الإنسان منها، يكون مبلغه من النفوذ فى أقطار السموات والأرض..
ومع هذا، فإن هناك حرما إن دنا منه الشيطان احترق، كما أن هناك عوالم لا حصر لها، لا تطولها قدرة الإنسان، ولا يبلغ علمه منها شيئا: «وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا». (٨٥: الإسراء) فإذا بلغ الإنسان بعلمه وقدرته أن يستوى على ظهر هذه الكواكب المتصلة بفلك الأرض.. فهيهات أن يبلغ شيئا من العوالم الأخرى، التي تبلغ المسافات بينها وبين الإنسان ملايين من السنين الضوئية.. اللهم إلا أن يخرج الإنسان عن طبيعته، ويصبح خلقا آخر..
قوله تعالى: «وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ» - وكما فى السماء آيات لأولى الأبصار، فإن فى الأرض آيات وآيات للناظرين..
فهذه الأرض، قد مدّها الله، وألقى فيها رواسى، أي غرس فيها جبالا راسية، وأنبت فيها من كل شىء موزون، أي كل شىء بحساب وقدر، مما


الصفحة التالية
Icon