شرارات، هى البرق، الذي يكون أشبه بإشارة إلى ميلاد المطر ونزوله.. كما يقول سبحانه وتعالى: «اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ، فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» (٤٨: الروم) والرياح لقاح للنباتات، إذ تنقل لقاح كثير من ذكور النبات إلى إناثه، ولكن المنظور إليه منها هنا، هو لقاحها للسحاب، حيث جاء قوله تعالى بعد ذلك: «فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً».. فالفاء هنا للسببية، بمعنى أن هذا اللقاح، هو الذي يتسبب عنه نزول الماء من السماء..
هذا، والقرآن الكريم يفرّق بين الريح، والرياح.. فيذكر الرياح فى مواطن الخير والرحمة، على حين يستعمل الريح فى مواطن البلاء والنقمة..
ذلك أن الريح إذا كانت من مهب واحد كانت عقيما، لا تنتج شيئا، أو تحمل سموما، وأذى، كما فى قوله: «وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ» (٤١: ٤٢ الذاريات) وقوله تعالى: «فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا.. بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ.. رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ» (٢٤: الأحقاف).. فإذا أفردت الريح فى مواطن الرحمة، ألحقت بوصف حسن، يرفع عنها الصفة الغالبة عليها..
كما فى قوله تعالى: «وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ» (٢٢: يونس).
أما إذا كانت الريح من جهات مختلفة، فإنه يلتقى بعضها ببعض، فتتوازن، وتعتدل، وتحمل الخير والرحمة، وتكون لقاحا للسحاب، وللنبات..
- وفى قوله تعالى: «وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ» إشارة إلى أن هذا الماء، هو مما فى يد الله، وفى خزائنه، وأن ليس لأحد أن يتصرف فيه إلا بما يأذن الله به منه..


الصفحة التالية
Icon