ولكن.. ها هى ذى الأحداث تزداد شدة، والشر يشتد اشتعالا، فتأتمر قريش فيما بينها على أن تكون جبهة واحدة فى وجه النبي، ومن يقف إلى جواره من قومه..
وقد أبت العصبية العربية على بنى هاشم، وبنى عبد المطلب- رهط النبي الأدنين- أبت عليهم العصبية العربية، أن يتخلوا عن النبي، وأن يسلموه لقريش، تنال منه، وتستبد به! وكان من هذا أن عمدت قريش إلى مقاطعة بنى هاشم، وبنى عبد المطلب، وعقدت فيما بين بطونها وأفخاذها عهدا، على ألا يتعاملوا مع بنى هاشم، وبنى عبد المطلب، فلا يزوّجوهم، ولا يتزوجوا منهم. ولا يأخذوا منهم أو يعطوهم.
بل إنها القطيعة التامة فى كل شىء بتواصل الناس به.
وقد واجه بنو هاشم، وبنو عبد المطلب، هذه الحرب الاجتماعية والاقتصادية، بشجاعة وصبر، وإباء، وأبوا أن يعطوا الدنيّة فى هذا الامتحان، الذي تعرف فيه معادن الرجال.. فجمع أبو طالب- عميد بنى هاشم- أهله، وانحاز بهم إلى شعب أبى طالب «١».. واستمر هذا الحصار، نحو ثلاث سنين، بلغ بهم الجهد فيها غايته، حتى سمع أصوات صبيانهم يتضاغون جوعا من وراء الشّعب! وطبيعى أن النبي الكريم، كان خلال هذه المحنة يحمل فى نفسه كل ما لقى آل عبد المطلب، وآل هاشم، من جهد ومشقة.. فكل ما كان يقع من آلام فى محيط أفرادهم، فردا فردا، وفى جماعاتهم، أسرة أسرة، كان يقع على مشاعر