أنه أسرى بجسده إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السموات، حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، ولذلك تعجّب قريش واستحالوه.»
ثم يقول: «والاستحالة مدفوعة بما ثبت فى الهندسة أن ما بين طرفى قرص الشمس ضعف ما بين طرفى كرة الأرض مائة ونيفا وستين مرة، ثم إن طرفها- الشمس- الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى فى أقل من ثانية!! وقد برهن فى الكلام أن الأجسام متساوية فى قبول الأعراض، وأن الله سبحانه قادر على كل الممكنات، فيقدر أن يخلق مثل هذه الحركة السريعة فى بدن النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو فيما يحمله، والتعجب من لوازم المعجزات.»
والذي نقف عنده من كلام البيضاوي هنا قوله: «وقد برهن فى الكلام أن الأجسام متساوية فى قبول الأعراض».. وهذا يعنى أن الأجسام جميعها ترجع إلى أصل واحد، وأن هذا الأصل قابل لجميع الأعراض التي تقبلها الأجسام، بمعنى أن المادة التي شكل منها كائن ما، قابلة لأن يشكل منها كائن آخر مخالف له، مع اختلاف فى نسب الأجزاء التي يتكون منها الكائن وفى أوضاع هذه الأجزاء، بل إن ذلك نفسه واقع فى أجزاء الكائن الواحد..
فالعين مثلا هى من نفس المادة التي تخلّق منها الأنف، أو الكبد أو القلب، أو الشعر.. فكلها جميعا ترجع إلى ما عرف اليوم باسم «الذرّة» أو ما كان يعرف قديما بالجوهر الفرد.. فمن كتل الذرات تتكون الأجسام، ومن الاختلاف فى بناء الذرات، وترتيب أوضاعها، تظهر الأجسام فى صورها وأشكالها..
وهذا ما فهمه البيضاوي وقرّره فى قوله: «إن الأجسام متساوية فى قبول الأعراض» يعنى أنه من الممكن أن يتحلل جسم الإنسان- مثلا- إلى ذرات فيصبح كائنا لطيفا غير مرئى، ثم يعاد تركيبه إلى وضعه الأصلى، فيكون جسدا


الصفحة التالية
Icon