البأس الشديد: هو العذاب الأليم، الذي توعّد الله سبحانه وتعالى به الذين لا يؤمنون بالله، ولا يعملون الصّالحات، على خلاف الذين يؤمنون بالله ويعملون الصالحات، فقد بشرهم الله سبحانه، بالأجر الحسن، والجزاء العظيم، الذي يفيضه سبحانه وتعالى عليهم، من رضوانه، ويلبسهم إياه، فلا ينزعه عنهم أبدا.
والآية لم تشر إلى صفة هؤلاء المنذرين بالبأس الشديد، اكتفاء بالوصف الذي استحقّه أصحاب الأجر الحسن الذي يمكثون فيه أبدا، وهم المؤمنون الذين يعملون الصالحات..
قوله تعالى:
«وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً».
أعادت الآية الإنذار هنا، لتواجه طائفة من الذين لا يؤمنون بالله، ولا يقدرونه حقّ قدره، وهم الذين نسبوا إليه سبحانه وتعالى ولدا، وهم اليهود، الذين قالوا «عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ»، والنصارى، الذين يقولون: «الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ».
وفى اختصاصهم بالذكر هنا لإزالة شبهة قد تبدو من اعترافهم بوجود الله، وإيمانهم به إلها.. فهذا الإيمان قد يجعل لهم مدخلا إلى المؤمنين بالله، مع تلك المقولات الشنيعة التي يقولونها بنسبة الولد إليه.. ومن هنا يشتبه أمرهم على المؤمنين، ومن ثمّ فلا يكون لقوله تعالى: «لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ» متوجّه إليهم..
- فقوله تعالى: «وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً» عزل لهؤلاء القائلين بتلك المقولة الشنعاء فى الله، عن أن يكونوا فى المؤمنين.! فإنه لا يجتمع الإيمان بالله، ونسبة الولد إليه.. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.


الصفحة التالية
Icon