حولها.. فهل فى هذا تحديد لقدرة الله؟ وهل فى خضوع هذه الأكوان لهذا النظام المودع فيها إلا استجابة لقدرة الله، وخضوع لمشيئته؟
وللفيلسوف المسلم «محمد إقبال» رأى يجرى مع رأى الأشاعرة، فى نتائجه ولكنه يختلف معهم فى مقدماته.
فإقبال يرى أسبابا قائمة فى الأشياء.. ولكنه يرى- مع هذا- أن الأسباب تعمل فى ظل قدرة، حكيمة، عليمة.. ومن ثمّ فإن الحوادث التي تنتجها الأسباب ليست مواليد آلية، جاءت متكررة، وإنما كل حادثة لها ذاتية مستقلة.. إنها خلق جديد، تقوم القدرة الإلهية على إبداعه وتكوينه..
«الأشاعرة» لا يعترفون بوجود أسباب مطلقا.. وإنما يقولون بالخلق المتجدد من غير أسباب! و «إقبال» يقول بالأسباب، ولكنها- فى رأيه- أسباب يقظى واعية، تتخلق منها الحوادث، تخلقا يحفظ لكل حادثة ذاتيتها المستقلة..
فلا تنتظم فى ركب حوادث صماء متتابعة، متماثلة.. لا نهاية لها..!
يقول «إقبال» :
«فتقدير شىء ما، ليس قضاء غاشما يؤثّر فى الأشياء من خارج..
ولكنه القوة الكامنة، التي تحقق وجود الشيء وممكناته التي تقبل التحقّق، والتي تكمن فى أعماق طبيعته، وتحقق بالتالى وجودها فى الخارج، دون إحساس بإكراه من وسيط خارجى..
«ومن ثمّ فإن تكامل وحدة الديمومة، لا تعنى أن هناك حوادث تامة التكوين، أشبه بأن تكون فى أحشاء الحقيقة، لتسقط منها واحدة واحدة، كما تسقط حبات الرمل فى الساعة الرملية!!