- «وَأَنَا اخْتَرْتُكَ» واصطفيتك لرسالتى.. فأنت منذ الآن رسول من رسلى.. «فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى» إليك منى..
«إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ، لا إِلهَ إِلَّا أَنَا، فَاعْبُدْنِي، وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي».
فهذا أول ما يستقبل الرسول من أمر ربّه.. أن يعرف ربّه، ويعرف صفاته، ثم يعبده كما أمره.. «إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ» فاعرف من يخاطبك.. «إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ.. لا إِلهَ إِلَّا أَنَا» ليس هناك إله غيرى.. وإذ تقرر ذلك، وعرفته وآمنت به «فاعبدنى» أي كن عبدا لى، وعابدا.. «وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي».. أي اجعل الصلاة هى العبادة التي تذكرنى بها.. وخصّت الصلاة بالذكر من بين العبادات، لأنها هى المناجاة التي يناجى بها العبد ربّه، ويكشف فيها عن ولائه، وما ينطوى عليه قلبه من تعظيم لله، وولاء له، وانقياد وخضوع لجلاله وعظمته..
«إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى».
وممّا ينبغى أن يؤمن به الرسول قبل أن يبدأ رسالته، أن يؤمن بالآخرة، كما آمن بالله، وأن يستيقن أنها آتية لا ريب فيها..
- وفى قوله تعالى: «أَكادُ أُخْفِيها» إشارة إلى أن الساعة غيب من غيوب الله، وأنها محجبة وراء ستر الغيب، وأن الذي يؤمن بها إنما يؤمن إيمان غيب، لا إيمان شهادة ومعاينة.. ومع هذا، فإنّ هناك من الأمارات، والدلائل، ما يجدها العقل بين يديه، ليستدلّ منها على أن الحياة الدنيا ليست هى مبدأ الإنسان، ونهايته، وأنه لا بد أن يكون وراء هذه الحياة حياة أرحب وأوسع، لتجزى فيها كلّ نفس بما عملت فى هذه الدنيا.. وهذا هو السرّ فى قوله تعالى: «أَكادُ أُخْفِيها» ولم يجىء النظم القرآنى «أخفيتها» فهذا التعبير القرآنى يحمل فى طياته إشارة مضيئة إلى أن الإنسان مطالب- بما أودع الله