أو نحو هذا مما تستخدم له العصىّ فى يد من يحملونها..
وكأنّ موسى قد استشعر من هذا السؤال أنه يحمل شيئا منكرا، لا يليق بمن يخاطبه الله، ويصطفيه لرسالته، أن يحمله.. ولهذا أعطى عصاه كل الأوصاف التي يحملها من أجلها..
وفى هذا الوصف يتحقق موسى أن عصاه هذه ليست إلا عصا من العصىّ التي يحملها الرعاة، والتي يقتطعونها من أغصان الأشجار..
وإذن فليعلم موسى من أمر هذه العصا ما لم يكن يقع له فى حسبان!.
«قالَ أَلْقِها يا مُوسى فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى»..
ولا شك أن موسى قد فزع واضطرب.. وقد فزع واضطرب فعلا، وولّى مدبرا ولم يعقب.. كما يقول سبحانه فى موضع آخر.. «فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ» (٣١: القصص)..
ولهذا جاء قوله تعالى له:
«قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى»..
وهكذا أخذ موسى العصا، فإذا هى على ما كان يعهدها عليه..
«وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ.. آيَةً أُخْرى»..
هو معطوف على قوله تعالى: «خُذْها» أي خذ العصا، «وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ».. ولهذا جاء الأمر هنا غير مسبوق بالقول! - وقوله تعالى: «آيَةً أُخْرى» منصوب باسم فعل محذوف، تقديره: إليك آية أخرى، إلى تلك الآية الأولى، آية العصا، التي عرفتها.. ويمكن أن يكون منصوبا على الحال من قوله تعالى: «تَخْرُجْ بَيْضاءَ» حالة كونها آية أخرى، إلى الآية السابقة، وهى العصا..


الصفحة التالية
Icon