المماحكة والجدل.. فجاء إلى موسى من الجانب الذي يستند فيه إلى جبروته وسلطانه، بعد أن خذله المنطق وأفحمه.. جاء إلى موسى يتّهمه بأنّه ساحر!.
ولم تذكر القصة هنا ما كان من موسى من إلقاء العصا، بين يدى فرعون، فانقلبت حيّة تسعى، وما كان من إدخال يده فى جيبه، ثم إخراجها بيضاء مشرقة من غير سوء! - لم تذكر القصة هذا الحدث، فقد جاء ذكره فى أكثر من موضع من القرآن الكريم..
وهذا يعنى أن تكرار القصة الواحدة، فى القرآن، يعنى ترابط أجزائها، بحيث يكمّل بعضها بعضا، كما سنعرض لذلك، فى بحثنا: «التكرار فى القصص القرآنى»، إن شاء الله عند تفسير سورة القصص.
قلنا: إن فرعون جاء إلى موسى بسلطانه الغشوم، يتهمه بالسّحر، وأن ما بين يديه لا يعدو أن يكون مما يتعامل به كهنة فرعون من سحر! فقال له:
«أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى». ؟
وإذن، فالمعركة لن تكون بين فرعون وموسى.. ولكنها ستكون بين موسى وسحرة فرعون! فهذا هو مكان موسى فى نظر فرعون! ولهذا بادر فرعون بإعلان البدء بالمعركة..
«فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ».. وأدخل فرعون نفسه فى المعركة باعتباره شاهدا متفرجا، يرفّه عن نفسه، بما يرى من ألاعيب السحر وفنونه! «مَكاناً سُوىً» أي واختر مكانا مبسوطا مستويا، يسع الجموع الحاشدة التي ستشهد هذا السّحر، وفنونه، وحيله!!.
«قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ» - هذا الموعد، هو يوم العيد، حيث يخلو الناس، ويفرغون لهذا اليوم.. «وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى» وأن تكون ضحوة العيد


الصفحة التالية
Icon