فمن فاكهة تلك الجنة يأكل هو وزوجه.. فلا يجوع.. ومن ماء الينابيع يشرب، فلا يظمأ.. وفى أكناف الغابة يستكن، ولا يخرج للعراء..
وفى ظلال الأشجار، يتّقى أشعة الشمس.. فلا يضحى.. أي لا يجد الحرّ الذي يتسلط عليه من الشمس، حين يكون بالضّحّ، أي العراء..
تلك- فى رأينا- هى جنة آدم، وهى جنة أرضية، وآدم فى هذه الجنة، أو الغابة لم يكن إلا الثمرة الأولى التي نضجت على هذه الأرض، من شجرة الحياة..
وقد عرضنا لهذه القضية فى مبحث خاص، فى الجزء الأول من كتابنا هذا:
«التفسير القرآنى للقرآن»..
قوله تعالى:
«فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ.. هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ.. وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى»..
ولقد استجاب آدم لإغراء الشيطان، ولدوافع نفسه للكشف عن هذا السر المضمر فى تلك الشجرة، التي نهى عن الأكل منها.. فأكل منها هو وزوجه.
وهنا تكشفت لهما الحقيقة من أمرهما، ونظرا إلى وجودهما- لأول مرة- نظرة واعية مدركة، فرأيا أنهما على حال من العرى، لا تليق بهما.. فأخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة، ليسترا به عورتيهما..
- وقوله تعالى: «وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى» إشارة إلى موقف آدم بعد أكله من الشجرة.. لقد عصى ربه، عصاه لأنه أصبح ذا إرادة،


الصفحة التالية
Icon