وهذا الأمر هو تهديد لهؤلاء الضالين المختلفين، بأن يتركوا فيما هم فيه من ضلال، وألا يلح عليهم أحد فى تنبيههم من غمرتهم، وسكرتهم التي هم فيها.
وذلك إلى أن تقرعهم القارعة، التي تذهب بهذا الخمار الذي لذّلهم النوم فى ظله المعتم الكثيف! قوله تعالى:
«أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ.. بَلْ لا يَشْعُرُونَ».
المفعول الثاني للفعل يحسبون محذوف، دلّ عليه المقام..
والتقدير أيحسبون هذا الذي نمدّهم به من مال وبنين، إكراما، وإحسانا منّا إليهم؟ كلا، وإنما «نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ» لنفتنهم فيما نمدهم به، كما يقول تعالى: «وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ» (١٣١: طه).
- وقوله تعالى: «بَلْ لا يَشْعُرُونَ» - إشارة إلى أنهم لا يشعرون بهذا الابتلاء، وأنهم يحسبون ذلك خيرا لهم، كما يقول تعالى: «وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ» (١٨٠: آل عمران).
هذا، ويمكن أن يكون قوله تعالى: «نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ» هو المفعول الثاني للفعل يحسبون.. ويكون المعنى: «أيحسبون أنما نمدّهم به من مال وبنين مسارعة لهم منا بالخيرات؟ كلا.. إنه فتنة لهم.. ولكن لا يشعرون» لما استولى عليهم من سكرة بهذا الذي هم فيه من نعيم..


الصفحة التالية
Icon