على رجل حرّ عملا أكثر مما فرض هو على نفسه! «لم أهمل.. ولم أرتكب ما تبغضه الآلهة.. ولم أكن سببا فى أن يسىء السيد معاملة عبده..
«لم أمت إنسانا من الجوع.. ولم أبك أحدا.. ولم أقتل إنسانا.
ولم أخن أحدا..
«لم أرتكب عملا شهوانيا داخل أسوار المعبد المقدس..
«لم أكفر بالآلهة.. ولم أغشّ فى الميزان..
«لم أنتزع اللعب من أفواه الرّضّع.. ولم اصطد بالشباك طيور الآلهة..
«أنا طاهر.. أنا طاهر.. أنا طاهر..!!»

فالحياة بعد الموت، والحساب والجزاء، هى مما يطلبه الإنسان، ويعيش فيه، ويعمل له.. ولو لم يكن هناك دين يدعو إليها، أو شريعة تكشف عنها..
فكيف إذا جاءت شرائع السماء كلها، مقررة لها، كاشفة عنها، ضاربة الأمثال لها، مقدمة الحجج والبراهين عليها؟
وخير ما نختم به هذا البحث، ما قرّره الراغب الأصفهانى، فى كتابه:
«تفصيل النشأتين» حيث يقول: «لم ينكر المعاد والنشأة الأخرى، إلا جماعة من الطبيعيين، أهملوا أفكارهم، وجهلوا أقدارهم، وشغلهم عن التفكير فى مبدئهم ومنشئهم، شغفهم بما زيّن لهم من حبّ الشهوات..
«وأما من كان سويّا، ولم يمش مكبّا على وجهه، وتأمل أجزاء العالم، علم أن أفضلها ذوات الأرواح، وأفضل ذوات الأرواح ذوات الإرادة والاختيار،


الصفحة التالية
Icon