وفى قوله تعالى: «ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً» أمور.. منها:
أولا: الإشارة إلى تلك الرابطة القوية الوثيقة، التي تربط المؤمنين جميعا بعضهم ببعض، بحيث يكون ما يعرض لأحدهم من عارض يمسّه، فى نفسه، أو دينه، أو مقامه فى مجتمعه- هو مصاب يصاب به المجتمع المؤمن كلّه.. فالمؤمنون كما وصفهم القرآن الكريم «إِخْوَةٌ» كما يقول سبحانه: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ».. ثم هم كما وصفهم الرسول الكريم «جسد» بحكم هذا الرباط الأخوة الذي يربطهم، ويشد بعضهم إلى بعض.. يقول الرسول- صلوات الله وسلامه عليه «مثل المؤمنين فى توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر».
وثانيا: الإشارة إلى أن المؤمن حقّا، إنما ينظر إلى المؤمنين من خلال نفسه، فإذا كان على السلامة فى دينه، والاستقامة فى طريقه، رأى المؤمنين جميعا مثله، على تلك الصفة.. وهذا من شأنه أن يلفت المؤمن إلى نفسه أولا.. فإذا سمع عن مؤمن ما ينقص من إيمانه، أو ما يشير إلى انحراف فى سلوكه- ثم استقبل هذا الذي سمعه، ولم يضق صدره به، ولم تألم نفسه له- كان عليه أن يتهم إيمانه أولا، لأنّه قبل أن يدخل عليه هذا المنكر، الذي دخل على المؤمنين جميعا، وأضيف إليهم، بحكم الوحدة القائمة بينهم.. ثم إذا هو هشّ لهذا الذي سمعه، أو طار به فرحا- فليعلم أنه ليس من الإيمان إلا على حرف، وأنه موشك أن ينفصل عن الإيمان، ويقطع صلته بالمؤمنين.. ثم إذا هو لم يقف عند الحدّ، وأطلق لسانه بهذا المنكر الذي سمعه، وعمل على إذاعته، ونشره فى الناس- فليعلم أنه- مادام على تلك الحال- فهو ليس من الإيمان فى شىء، وأنه قائم على منكر، لا يجتمع هو والإيمان، فى كيان إنسان.
وثالثا: الإشارة إلى أن المؤمن من شأنه أن يكون مبرّا من التهم، بعيدا


الصفحة التالية
Icon