والخطاب موجه إلى المؤمنين جميعا، وأنهم يحملون شيئا من وزر هذا الحديث الآثم، الذي تردد فى آفاقهم، وأن الذين لم يشاركوا فيه، ولم يستمعوا له، وقد مسّهم شىء من ريحه الخبيثة.. فهؤلاء الآثمون الذين افتروا هذا البهتان العظيم، هم بعض هذا المجتمع الكبير.. وأنه لو وقع بهم بلاء الله، لأصاب رذاذه من لا ذنب له من المؤمنين.
ولكن فضل الله سبحانه وتعالى على المؤمنين، وإحسانه إليهم، قد اتسع لهؤلاء المذنبين، فشملهم.. وبدلا من أن يقع البلاء بالمذنبين، ويتسرب إلى غيرهم من المؤمنين، أراد الله للمؤمنين الحسنى، فجعل إحسانه إلى المؤمنين، وقاية من إساءة المسيئين، ثم جعل من هذا الإحسان شيئا ينال الآثمين، فلم يعجّل لهم العذاب فى الدنيا، بل مدّ لهم فى هذه الحياة، ليجدوا فرصتهم فى التوبة إلى الله، وقد تاب كثير منهم، وقبلت توبتهم، وحسن إيمانهم..
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ»..
قوله تعالى:
«إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ».
تلقونه بألسنتكم: أي يلقيه بعضكم إلى بعض، وتتداوله الألسنة، كما تتداوله الأيدى الأشياء فيما بينها! وهذا يعنى، أن حديث الإفك الذي تداوله المتداولون بينهم، لم يكن إلا بضاعة رخيصة من لغو الكلام، الذي تتحرك به الألسنة وحدها، دون


الصفحة التالية
Icon