قوله تعالى:
«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ».
يزجى: أي يدفع، ويحرك..
والركام: المتراكم، المجتمع بعضه إلى بعض..
الودق: المطر، ينزل متساقطا فى قطرات، فيدق الأرض، أي يترك فيها آثارا..
فى هذه الآية عرض محسوس لقدرة الله، بعد هذا العرض غير المحسوس، الذي جاءت به الآية السابقة، من النظر المطلق الشامل للوجود كله، وما قام عليه من نظام..
وفى هذا العرض، إلفات إلى ظاهرة من ظواهر الطبيعة، التي يشهدها الناس جميعا فى كل زمان، وكلّ مكان..
فهذه السحب التي تنطلق فى مواكب متدافعة فى جو السماء، كأنها جيوش غازية، تزحف إلى ميدان القتال، أو تتراكض عائدة من المعركة محملة بالغنائم والأسلاب- هذه السحب: من أنشأها؟ ومن سيرها؟ ومن حدّد لها خط مسيرها؟ ومن وقف بها عند غاية معلومة لها؟
ألا فليعلم من لم يكن يعلم، أن الله سبحانه وتعالى، هو الذي أنشأها، وسيرها، وحدّد لها وجهتها، وأمسك بها عند الغاية المحددة لها..
- «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً.. ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً»..
فهذه صور ثلاث، لمشاهد السحاب.. يولد أولا دخانا رقيقا، ثم يدفعه الرّيح


الصفحة التالية
Icon