على الحق بما جاء به من الآيات التي تنطبق على ما يحفظونه من بشارات كتبهم بنبي يأتي آخر الزمان.
(فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) أي فعاملوهم بأحاسن الأخلاق من العفو عن مذنبهم بترك عقابه، والصفح عنه بترك لومه وتعنيفه حتى يأتى نصر الله لكم بمعونته وتأييده.
وقد يكون المعنى- حتى يأتى أمر الله ونصره، وقد تحقق ذلك بقتل بنى قريظة وإجلاء بنى النضير من المدينة بعد أن غدروا ونقضوا العهد بموالاة المشركين بعد أن عفا عنهم وصفح مرات كثيرات.
وفي أمره تعالى لهم بالعفو والصفح إشارة إلى أن المؤمنين على قلتهم هم أصحاب القدرة والشوكة، لأن الصفح لا يكون إلا من القادر، فكأنه يقول لهم: لا تغرّنّكم كثرة أهل الكتاب مع باطلهم، فأنتم على قلتكم أقوى منهم بما أنتم عليه من الحق، وأهل الحق مؤيدون بعناية الله، ولهم العزة ما ثبتوا عليه.
ثم أكد الوعد السابق بالنصرة بقوله:
(إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي فالله هو القادر على أن يهبكم من القوة ما تتضاءل دونه جميع القوى، ويثبتكم بما أنتم عليه من الحق فتتغلبوا على من يناوئكم ويظهر لكم العدوان اغترارا بكثرته، واعتزازا بقوته: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
ثم ذكر سبحانه بعض الوسائل التي تحقق النصر الذي وعدوا به فقال:
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) لما في الصلاة من توثيق عرا الإيمان، وإعلاء الهمة، ورفعة النفس بمناجاة الله، وتأليف قلوب المؤمنين حين الاجتماع لأدائها، وتعارفهم فى المساجد، وبهذا ينمو الإيمان، وتقوى الثقة بالله، وتتنزه النفس أن تأتى الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتكون أقوى نفاذا في الحق، فتكون جديرة بالنصر