(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) هذا عظة لليهود الذين كانوا في عصر التنزيل، وتذكير لهم بما سلف من نعمة الله على آبائهم بإنقاذهم من أيدى عدوهم وإنزاله المنّ والسلوى عليهم، وتمكينه لهم في البلاد بعد أن كانوا أذلاء مقهورين، وإرساله الرسل منهم وتفضيلهم على غيرهم ممن كانوا بين ظهرانيهم حين كانوا مطيعين للرسل مصدّقين لما جاءهم من عند ربهم- حتى يتركوا التمادي فى الغى والضلال ويثوبوا إلى رشدهم.
ومن أجلّ ما أنعم به عليهم التوراة التي أنزلت عليهم، وذكرها يكون بشكرها، وشكرها يكون بالإيمان بجميع ما جاء فيها، ومن جملته وصف النبي ﷺ فهو المبشّر به فيها.
(وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) تقول جزى عنى هذا الأمر يجزى كما تقول قضى يقضى، زنة ومعنى، أي واتقوا يا معشر بنى إسرائيل المبدّلين كتابى، المحرفين له عن وجهه، المكذبين برسولى محمد صلى الله عليه وسلم- عذاب يوم لا تقضى فيه نفس عن نفس شيئا من الحقوق التي لزمتها، فلا تؤخذ نفس بذنب أخرى، ولا تدفع عنها شيئا كما
ورد في الصحيحين «يا فاطمة بنت محمد سلينى من مالى ما شئت لا أغنى عنك من الله شيئا».
(وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) العدل الفدية: أي لا يؤخذ من نفس فدية تنجو بها من النار، إذ هى لا تجد ذلك لتفتدى به، ولا يشفع فيما وجب عليها من حقّ شافع، وقد كانوا يعتقدون بالمكفّرات تؤخذ فدية عما فرطوا فيه، وبشفاعة أنبيائهم لهم، فأخبرهم الله أنه لا يقوم مقام الاهتداء به شىء آخر.
(وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أي إنه لا يأتيهم ناصر ينصرهم فيمنع عذاب الله عنهم إذا نزل بهم.
وهذا ترهيب لمن سلفت عظتهم في الآية قبلها.