وفي هذا تعريض بأهل الكتاب وبيان بطلان دعواهم اتباع إبراهيم مع إشراكهم لقولهم عزير ابن الله، والمسيح ابن الله.
ودين إبراهيم الحنيف هو الدين الذي عليه محمد ﷺ وأتباعه المؤمنون به.
وبعد أن أمر الله نبيّه أن يدعو الناس إلى اتباع ملة إبراهيم، أمر المؤمنين بمثل ذلك فقال:
(قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) أي قولوا آمنا بنبوة جميع الأنبياء والمرسلين مع الخضوع والطاعة لرب العالمين، فلا نكذّب أحدا منهم فيما ادّعاه ودعا إليه في عصره، بل نصدق بذلك تصديقا جمليا ولا يضيرنا تحريف بعض وضياع بعض، فإن التصديق التفصيلي إنما يكون لما أنزل إلينا فحسب.
روى البخاري بسنده عن أبي هريرة أن أهل الكتاب كانوا يقرءون التوراة بالعبرية ويفسرونها بالعربية للمسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله. الآية.
وروى ابن أبي حاتم عن معقل مرفوعا «آمنوا بالتوراة والإنجيل وليسعكم القرآن».
(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) أي لا نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعض، كما تبرأت اليهود من عيسى ومحمد عليهما السلام وأقرّت بغيرهما من الأنبياء، وتبرّأت النصارى من محمد ﷺ وأقرّت بغيره، بل نشهد أن الجميع رسل الله بعثوا بالحقّ والهدى (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) أي ونحن خاضعون له بالطاعة مذعنون له بالعبودية، وذلك هو الإيمان الصحيح، وأنتم لستم كذلك، بل أنتم متبعون أهواءكم لا تحولون عنها.