للفقراء والمصالح العامة- فخلّوا سبيلهم واتركوا لهم طريق حريتهم بالكف عن قتالهم إذا كانوا مقاتلين، وبالكف عن حصرهم إذا كانوا محاصرين، وبالكف عن رصد مسالكهم إلى البيت الحرام وغيره إذا كانوا مراقبين، والله يغفر لهم ما سبق من الشرك وغيره من سيئاتهم ويرحمهم فيمن يرحم من عباده، وقد جاء فى الأثر «الإسلام يجبّ ما قبله».
وفى الآية إيماء إلى أن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة يوجبان لمن يؤديهما حقوق المسلمين من حفظ الدم والمال إلا بما يوجب عليه الشرع من جناية تقتضى حدا معلوما أو جريمة توجب تعزيرا أو تغريما.
روى الشيخان عن عبد الله بن عمر مرفوعا «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله».
والخلاصة- إن اشتراط الأشياء الثلاثة للكف عن قتال المشركين للتحقق من دخولهم فى جماعة المسلمين بالفعل، والتزامهم شرائع الإسلام وإقامة شعائره، إذ مقتضى الشهادة الأولى ترك عبادة غير الله، ومقتضى الشهادة الثانية طاعة الرسول فيما يبلغه عن الله تعالى، واكتفى من أركان الإسلام بالصلاة التي تجب فى اليوم والليلة خمس مرات، لأنها الرابطة الدينية الروحية الاجتماعية بين المسلمين، وبالزكاة لأنها الرابطة المالية الاجتماعية، فمن أقامهما كان أجدر بإقامة غيرهما (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) أي اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم إلا من طلب منكم الأمان ليعلم ما أنزل الله وأمر به من دعوة الإسلام، فإن بعض المشركين لم تبلغهم الدعوة بلاغا مقنعا ولم يسمعوا شيئا من القرآن، أو لم يسمعوا منه ما تقوم به الحجة عليهم، فأعرضوا وعادوا الداعي وقاتلوه، لأنه جاء بتفنيد ما هم عليه من الشرك، وتسفيه ما كان عليه آباؤهم منه.
والخلاصة- وإن استأمنك أيها الرسول أحد من المشركين لكى يسمع كلام الله


الصفحة التالية
Icon