ولكن اليتامى والمساكين وابن السبيل لا تجعل لهم الدول فى هذا العصر حقّا فى أموال الدولة، وإن كان بعض الدول يعطيهم أموالا من الأوقاف الخيرية التي تتولى أمر استغلالها وإنفاق ريعها على المستحقين له، وبعضها يخصص إعانات للعمال المتعطلين فى وقت الحاجة فحسب.
وعن ابن عباس أنه قال (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) مفتاح كلام أي إنه ذكر على سبيل التبرك وإنما أضافه سبحانه إلى نفسه، لأنه هو الحاكم فيه فيقسمه كيف شاء، وليس المراد منه أن لله سهما مفردا، لأن ما فى السموات والأرض فهو لله، وبهذا قال الحسن وقتادة وعطاء وإبراهيم النخعي، فقد قالوا سهم الله وسهم رسوله واحد، وذكر الله للتعظيم.
(إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) أي إن كنتم آمنتم بما ذكر إيمان إذعان، فاعلموا أن ما غنمتم من شىء قلّ أو كثر فأن لله خمسة لأنه هو مولاكم وناصركم، وللرسول الذي هداكم به وفضلكم على غيركم واقطعوا الأطماع عنكم، وارضوا بحكم الله فى الغنائم، وبقسمة رسوله فيها.
ويوم الفرقان هو اليوم الذي فرق الله فيه بين الإيمان والكفر وهو يوم بدر الذي التقى فيه الجمعان جمع المؤمنين وجمع المشركين فى الحرب والنزال، وقد كان ذلك لسبع عشرة خلت من شهر رمضان، وهو أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ومن قدرته أن نصركم على قلتكم وجوعكم وضعفكم وبلوغ عدوّكم ثلاثة أضعاف عددكم أو أكثر، وأيد رسوله وأنجز وعده له.
(إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) العدوة- مثلثة العين- جانب الوادي، والدنيا مؤنث الأدنى وهو الأقرب، والقصوى مؤنث الأقصى وهو الأبعد.
والمعنى- إن كنتم آمنتم بالله وبما أنزلنا على عبدنا فى ذلك اليوم فى الوقت الذي كنتم مرابطين فيه بأقرب الجانبين من الوادي إلى المدينة، وفيه نزل المطر لا فى غيره والأعداء فى الجانب الأبعد عنها ولا ماء فيه، وأرضه رخوة تسوخ فيها الأقدام.


الصفحة التالية
Icon