الذي بيّنه فى كتابه من توحيده واختصاصه بالعبادة والتوكل عليه، والإيمان باليوم الآخر الذي يحاسب الله فيه عباده ويجزى كل نفس ما كسبت، مع إقامة الصلاة المفروضة على وجه جامع بين أركانها وآدابها، وتدبر تلاوتها وأذكارها، وبذا تكسب من يقيمها مراقبة ربه وخشيته والخشوع إليه، وإعطاء زكاة الأموال لمستحقيها من الفقراء والمساكين، وخشية الله دون غيره مما لا ينفع ولا يضر كالأصنام وغيرها مما عبد من دون الله خوفا من ضرره أو رجاء نفعه.
(فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) أي فأولئك الذين يجمعون بين الأركان الهامة من أركان الإسلام هم الذين يرجون أن يكونوا من المهتدين إلى ما يحب الله ويرضيه من عمارة المساجد حسا ومعنى بحسب سننه تعالى فى أعمال البشر وتأثيرها فى نفوسهم، وبذا يستحقون عليها الجزاء فى جنات النعيم، لا أولئك المشركون الذين يجمعون بين أضدادها من الإيمان بالطاغوت والشرك بالله والكفر بما جاء به رسوله، وينفقون أموالهم للصد عن سبيل الله، ومنع الناس من الإسلام.
هذا، وقد ورد فى عمارة المساجد أحاديث كثيرة،
فقد روى الشيخان والترمذي عن عثمان رضى الله عنه أنه لما بنى مسجد رسول الله ﷺ ولامه الناس قال إنكم أكثرتم، وإنى سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من بنى لله مسجدا يبتغى به وجه الله بنى الله له بيتا فى الجنة».
وروى أحمد عن ابن عباس مرفوعا «من بنى لله مسجدا ولو كمفحص (الموضع الذي تفحص التراب عنه وتكشفه لتبيض فيه) قطاة لبيضها- بنى الله له بيتا فى الجنة».
وروى الشيخان وأبو داود وابن ماجه: أن امرأة كانت تقمّ المسجد- تكنسه- فماتت، فسأل عنها النبي ﷺ فقيل له ماتت، فقال: أفلا كنتم آذنتموني بها لأصلّى عليها دلّونى على قبرها، فأتى قبرها فصلى عليها.
وروى أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبى سعيد قال: قال رسول الله