وينتجان بشرا مثلهما، ومن ثم امتن الله علينا به فقال: «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً».
(هـ) حب العشيرة، وهو حب عصبية وتعاون وولاية ونصر فى مواطن القتال والنزال والذّود عن الحمى والحريم، وهو يكون على أشده فى أهل البداوة ومن على مقربة منهم من أهل الحضر.
(و) حب الأموال المقترفة: أي المكتسبة، وهو أقوى من حب الأموال الموروثة، لأن عناء النفس فى جمعها يجعل لها فى قلبه منزلة لا تكون لما يجىء من المال عفوا.
(ز) حب التجارة التي يخشى كسادها فى حال الحرب، وقد كان لبعض المسلمين من أهل مكة تجارة يخشون كسادها فى ذلك الحين، لأن أكثر مستهلكيها كانوا من المشركين، وكانت أسواقها تنصب فى موسم الحج، وقد منع منه المشركون بنص الآيات السابقة واللاحقة.
(ح) حب المساكن الطيبة المرضية، وقد كان لبعض المسلمين دور حسنة فى مكة كانوا يتمتعون فيها بالإقامة والسكنى لما فيها من المرافق وأسباب الراحة.
فهذه الثمانية الأنواع من الحب تجعل القتال مكروها مبغوضا لدى النفوس فوق ماله من بغض بمقتضى ذاته كما قال تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ، وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ».
أما حبه تعالى فيجب أن يكون فوق هذه الأنواع لفضله وإحسانه بالإيجاد والإعدام وتسخير منافع الدنيا للناس، وهو يتفاوت بتفاوت معارف الإنسان فى آلاء الله فى خلقه وإدراك ما فيها من الإبداع والإتقان: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ».