(١) (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) أي جعلها متسعة ممتدة فى الطول والعرض، لتثبت عليها الأقدام، ويتقلب عليها الحيوان، وينتفع الناس بخيراتها زرعها وضرعها، وبما فى باطنها من معادن جامدة وسائلة، ويسيرون فى أكنافها يبتعون رزق ربهم منها.
ولا شك أن الأرض لعظم سطحها هى فى رأى العين كذلك، وهذا لا يمنع كرويتها التي قد قامت عليها الأدلة لدى علماء الفلك ولم يبق لديهم فيها ريب.
(٢) (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) أي وأرساها بجبال راسيات شامخات لا تنتقل ولا تتحرك حتى لا تميد وتضطرب.
(٣) (وَأَنْهاراً) أي وجعل فيها أنهارا جارية لمنافع الإنسان والحيوان، فيسقى الإنسان ما جعل الله فيها من الثمرات المختلفة الألوان والأشكال ويجعلها لنفسه طعاما وفاكهة، ويكون منها مادة حياته فى طعامه وشرابه وغذائه.
(٤) (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ، جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي وجعل فيها من كل أصناف الثمرات زوجين اثنين ذكرا وأنثى حين تكوّنها، فقد أثبت العلم حديثا أن الشجر والزرع لا يولدان التمر والحب إلا من اثنين ذكر وأنثى، وعضو التذكير قد يكون مع عضو التأنيث فى شجرة واحدة كأغلب الأشجار، وقد يكون عضو التذكير فى شجرة وعضو التأنيث فى شجرة أخرى كالنخل، وما كان العضوان فيه فى شجرة واحدة إما أن يكونا معا في زهرة واحدة كالقطن، وإما أن يكون كل منهما فى زهرة كالقرع مثلا.
(٥) (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) أي يلبس النهار ظلمة الليل، فيصير الجو مظلما بعد أن كان مضيئا، فكأنه وضع عليه لباسا من الظلمة، وكذلك يلبس الليل ضياء النهار فيصير الجو مضيئا، وكل هذا لتتم المنافع للناس بالسكون والاستقرار أو بالبحث على المعايش والأرزاق كما قال: «أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً» وقال: «وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ».