من عجائب، وما الأنبياء والأولياء إلا بعض خلقى «لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ».
ثم أكد أن المدة المضروبة على آذانهم هى هذه المدة فقال:
(قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) أي قل الله أعلم منكم بهم، وقد أخبر بمدة لبثهم، فهو الحق الذي لا يحوم حوله شك.
وفائدة تأخير بيانها الدلالة على أنهم تنازعوا فيها أيضا كما تنازعوا فى العدد، وعلى أن هذا البيان من الغيب الذي أخبر الله به نبيه ليكون معجزة له، وجاء قوله «قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا» تذييلا لسابقه، ليكون محاكيا قوله حكاية عددهم «قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ».
ثم أشار إلى اختصاصه بعلم ما لبثوا دون غيره فقال:
(لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ولله علم ما غاب فيهما، وخفى من أحوال أهلهما، لا يعزب عنه علم شىء منه، فسلّموا له علم ما لبثت الفتية فى الكهف، وإذا علم الخفي فيهما فهو بعلم غيره أدرى.
ومن ذلك العلم الغائب على كثير من العقول حساب السنة الشمسية والقمرية، فقد غيّبه الله عن بعض الناس، ولم يطلع عليه إلا العارفين بحساب الأفلاك، ومن ثم يعجبون من أمر نبيهم، ويعلمون أن هذا مبدأ زينة الأرض وزخرفها.
(أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) هذا أسلوب فى اللغة يدل على التعجب والمبالغة فى الأمر الذي تتحدث بشأنه، أي ما أبصر الله تعالى بكل موجود، وأسمعه بكل مسموع، فهو لا يخفى عليه شىء من ذلك، وهذا أمر عظيم من شأنه أن يتعجّب منه.
وقد ورد مثل هذا
فى الحديث: «ما أحلمك عمن عصاك، وأقربك ممن دعاك، وأعطفك على من سألك».
(ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ) أي ما لخلقه دون ربهم الذي خلقهم- ولىّ يلى تدبير أمورهم وتصريفهم فيما هم فيه مصرّفون.