يا آدم وحواء وذريتهما بيان لسبيلى وما أختاره لخلقى من دين بإرسال الرسل والكتب فمن اتبع ذلك وعمل به ولم يزغ عنه فإنى أهديه فى الدنيا وأرشده إلى محجة الصواب ولا يشقى فى الآخرة.
أخرج ابن أبى شيبة والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال: «أجار الله تابع القرآن من أن يضل فى الدنيا أو يشقى فى الآخرة، ثم قرأ الآية»
وروى عنه مرفوعا إلى النبي ﷺ «من اتبع كتاب الله هداه الله تعالى من الضلالة فى الدنيا ووقاه سوء الحساب يوم القيامة».
(ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا) أي ومن أعرض عن ذكرى الذي أذكّره به وتولى عنه، ولم يتعظ به فينزجر عما هو مقيم عليه من مخالفة أمر ربه، فإن له معيشة ضيقة شديدة لما يكون فيه من القلق والحرص على الدنيا والتهالك على ازديادها والخوف من انتقاصها، فترى الشح غالبا عليه، والبخل راسخا فى أعراقه:
(ونحشره يوم القيامة أعمى) عن الجنة، لأن الجهالة التي كانت له فى الدنيا تبقى كذلك فى الآخرة، وهذا يصير سببا لأعظم الآلام الروحية له:
وقصارى ذلك- إن الله عز اسمه جعل لمن اتبع هداه وتمسك بدينه العيش الهنيء الذي لا همّ فيه ولا غم، وجعل لمن أعرض عن دينه التعب والنصب، وهو فى الآخرة أشد تعبا، وأعظم ضيقا، وأكثر ألما:
(قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا؟) أي قال رب لم حشرتنى أعمى عن حجتى وعن رؤية الأشياء على حقيتها، وقد كنت فى الدنيا ذا بصر بذلك كله؟، ونحو الآية: «ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما» :
(قال) ربه مجيبا هذا السائل:
(كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) أي فكما تركت آياتنا ترك للنسى الذي لا يذكر أصلا وأعرضت عنها- اليوم ننساك فنتركك فى النار.