وتعيين موضع الخصومة، وبيان مآل كل من الفريقين من الإهانة والكرامة، والعذاب والنعيم.
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال: تخاصم المؤمنون واليهود فقالت اليهود: نحن أولى بالله تعالى وأقدم منكم كتابا، ونبينا قبل نبيكم، وقال المؤمنون:
نحن أحق بالله تعالى. آمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وآمنا بنبيكم، وبما أنزل الله تعالى من كتاب، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا، ثم تركتموه وكفرتم به حسدا فنزلت الآية ويرى جماعة من الصحابة والتابعين وهم أعرف من غيرهم بأسباب النزول أن المراد بالخصمين هنا هم الذين برزوا يوم بدر، فمن المؤمنين حمزة وعلى وعبيدة، ومن الكافرين عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، وكان أبو ذر يقسم إن هذه الآيات نزلت فى هؤلاء المتبارزين كما ثبت عنه فى الصحيحين وغيرهما.
وروى البخاري وغيره عن علىّ أنه قال: فينا نزلت هذه الآية وأنا أول من يجثو فى الخصومة على ركبتيه بين يدى الله يوم القيامة.
الإيضاح
(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) أي إن أهل الأديان الستة التي سبق ذكرها فريقان: فريق المؤمنين. وفريق الكافرين أرباب الديانات الخمس المتقدمة- جادلوا فى دين الله، فكل فريق يعتقد أن ما هو عليه هو الحق وأن ما عليه خصمه هو الباطل، وبنى على ذلك كل أقواله وأفعاله، وهذا كاف فى تحقيق الخصومة وإن لم يحصل بينهما تحاور بالفعل.
ثم ذكر مآل كل فريق وما يلقاه من الجزاء بعد أن يفصل الله بينهما، وذكر من جزاء فريق الكافرين أمورا ثلاثة:
(١) (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) أي فالكافرون أعدّت لهم نيران تحيط بهم كأنها ثياب قدّرت على قدر أجسامهم.