ونحو الآية قوله تعالى: «وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ».
(ب) (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) أي إن كل ما فى السموات وما فى الأرض منقاد له غير ممتنع من التصرف فيه، وهو الغنى عن حمد الحامدين، لأنه كامل لذاته، غنى عن كل ما عداه، وقد فعل ما فعل إحسانا منه إلى عباده وتفضلا عليهم.
(ج) (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) أي إنه تعالى سخر ما فى ظاهر الأرض وباطنها، لينتفع به الإنسان فى مصالحه ومرافقه المختلفة ويصرفه فيما أراد من شئون معايشه، ولا يزال العلم يهديه إلى غريب الأمور مما لم يكن يخطر لأسلافه على بال مما لو حدّث به السالفون لقالوا إنه ترّهات وأباطيل وما صدّقه بشر، ولا يزال العلم يولّد كل يوم جديدا: «وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» ويهتدى العقل إلى ما هو أشبه بالمعجزات، لولا أن سدّت أبواب النبوات.
ونحو الآية قوله: «وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ».
(د) (وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) أي وسخر لكم السفن تجرى فى البحار برفق وتؤدة حاملة ما تريدون من نائى الأصقاع، وبعيد المسافات، من سلع وحيوان وأناسىّ، وبذلك يتم تبادل مرافق الحياة بالأخذ والعطاء.
(هـ) (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) أي وإن الله يمسك أجرام الكواكب من شمس وقمر وكواكب نيرات بنظام الجاذبية، إذ جعل لكل منها مدارا خاصا بها لا تعدوه بحال، ولا تزال كذلك ما بقيت الحياة الدنيا، حتى إذا اقتربت الساعة اختل نظامها وانتثرت فى الفضاء كما ألمع إلى ذلك سبحانه بقوله: «إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ. وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ» الآية.
ولولا هذا النظام الخاص لاصطدمت الكواكب العظيمة بعضها ببعض، وفسد العالم الأرضى، ولم يعش على ظهر البسيطة إنسان ولا حيوان.