(٤) (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) أي ثم من قطعة من اللحم مسوّاة، لا نقص فيها ولا عيب فى ابتداء خلقها، ومضغة غير مسواة، فيها عيب، وبهذا التفاوت فى الخلق يتفاضل الناس فى صورهم وأشكالهم وطولهم وقصرهم.
(لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) أي خلقناكم على هذا النمط البديع، لنبين لكم جميل نظامنا، وعظيم حكمتنا، التي من جملتها أمر البعث.
(وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي ونبقى ما نشاء من الأجنّة إلى الوقت الذي قدّر أن تلد فيه المرأة.
(٥) (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا) أي ثم نخرجكم من أرحام أمهاتكم إذا بلغتم الأجل الذي قدّرته لخروجكم منها أطفالا صغارا فى المهد.
(٦) (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) أي ثم يعمّركم ويسّهل تربيتكم حتى تبلغوا كمال عقولكم، ونهاية قواكم.
(٧) (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) أي ومنكم من يتوفى على كمال قوته وكمال عقله، ومنكم من يبقى حتى يبلغ الهرم والخرف فيصير كما كان فى أول طفولته ضعيف البنية سخيف العقل قليل الفهم.
وخلاصة ذلك- إنه إما أن يميتكم أو يردكم إلى أرذل العمر الذي يسلب فيه العلم والقدرة على العمل.
ثم ذكر الاستدلال على إمكان البعث بحال خلق النبات أيضا فقال:
(وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) أي وترى الأرض يابسة دارسة الآثار من النبات والزرع، فإذا نحن أنزلنا عليها الماء تحركت بالنبات وازدادت وانتفخت، لما يتداخلها من الماء والنبات، ثم أنبتت أنواعا يسر الناظرين ببديع منظرها، وجميل شكلها، واختلاف طعومها وروائحها، ومقاديرها ومنافعها.