وقرار: أي مستقر، مكين: أي متمكن، والعلقة: الدم الجامد، والمضغة: قطعة اللحم قدر ما يمضغ، تبارك الله: أي تعالى وتقدس.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أحوال السعداء المفلحين- قفّى على ذلك بذكر مبدئهم ومآل أمرهم وأمر غيرهم من بنى الإنسان، وفى هذا إعظام للمنة، وحث على الاتصاف بحميد الصفات، وتحمل مئونة التكاليف، ثم ذكر أن كل ذلك منته إلى غاية هى يوم القيامة الذي تبعثون وتحاسبون فيه على أعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
الإيضاح
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) أي ولقد خلقنا أصل هذا النوع وأول أفراده، وهو آدم عليه السلام من صفوة طين لا كدر فيه.
ويرى جماعة من المفسرين: أن المراد بالإنسان هنا ولد آدم وهم يقولون: إن النطف تتوالد من الدم الحادث من الأغذية وهى إما حيوانية وإما نباتية، والحيوانية تنتهى إلى نباتية، والنبات يتوالد من صفو الأرض والماء، فالإنسان على الحقيقة متوالد من سلالة من طين، ثم تواردت على تلك السلائل أطوار الخلقة إلى أن صارت نطفا (ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) أي ثم جعلنا نسله نطفا فى أصلاب الآباء، ثم قذفت إلى الأرحام، فصارت فى حرز حصين من وقت الحمل إلى حين الولادة.
ونحو الآية قول: «أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ. فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ».
(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) أي ثم خولنا النطفة من صفتها الثانية إلى صفة العلقة وهى الدم الجامد.
(فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً) أي ثم جعلنا ذلك الدم الجامد مضغة أي قطعة لحم بمقدار ما يمضغ.