أعمالهم التي قاموا بها فى الدنيا كصلة رحم، وإغاثة ملهوف، ومن على أسير ونحو ذلك مما لو كانوا عملوها مع الإيمان لنالوا ثوابها- فجعلناه كالهباء المنثور لا يجدى ولا يفيد.
وخلاصة ذلك- إنه تعالى جعل مثل هؤلاء الكفار ومثل أعمالهم التي عملوها حال كفرهم- مثل قوم خالفوا سلطانهم واستعصوا عليه، فقصد إلى ما بين أيديهم فأفسده وجعله شذر مذر، ولم يترك له أثرا ولا عينا.
وبعد أن بين حال الكافرين حينئذ ذكر حال أضدادهم المؤمنين فقال:
(أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) أي إن منازل أهل الجنة خير من منازل أولئك المشركين الذين يفتخرون بأموالهم وما أوتوا من الترف والنعيم فى الدنيا، وأحسن فيها قرارا حين القائلة من مثلها لهم فى الدنيا، لما يتزين به مقيلهم من حسن الصور وجمال التنوّق والأبّهة والزّخرف وغيرها من المحاسن التي لا يوجد مثلها فى الدنيا فى بيوت المترفين، ولما فيه من نعيم لا يشو به كدر ولا تنغيص بخلاف مقيل الدنيا.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٢٥ الى ٢٩]
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩)
المعنى الجملي
بعد أن بين سبحانه فى سابق الآيات أن المشركين طلبوا إنزال الملائكة- أردف هذا ببيان أنهم ينزلون حين ينتهى هذا العالم الدنيوي، ويختلّ نظام الأفلاك،