وشنآنا وتتجاحدون ما كان بينكم، ويلعن بعضكم بعضا، فيلعن الأتباع المتبوعين، والمتبوعون الأتباع كما قال: «الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ» ثم مرجعكم إلى النار، وما لكم من ناصر ينصركم، ولا منقذ ينقذكم من عذاب الله.
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٢٦ الى ٢٧]
فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)
تفسير المفردات
لوط: هو ابن أخى إبراهيم على ما قاله النسابون- مهاجر إلى ربى: أي إلى الجهة التي أمرنى بالهجرة إليها، وإسحاق هو ابنه الأكبر، ويعقوب: حفيده وابن إسحاق، وأجر الدنيا: الرزق الواسع الهنى، والمنزل الرحب، والمورد العذب، والزوجة الصالحة، والثناء الجميل، والذكر الحسن، والصالح لغة: هو الباقي على ما ينبغى، يقال: طعام بعد صالح أي هو باق على حال حسنة.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر إنجاء إبراهيم من النار، وأن ذلك معجزة له لا يفقه قدرها إلا من كان ذكى الفؤاد، قوى الفطنة، يفهم الدلائل التي أودعها الله فى الكون- أردف هذا بيان أنه لم يصدّق بما رأى إلا لوط عليه السلام، فقد آمن به، واستقر الإيمان فى قلبه. ثم بين أن إبراهيم لما يئس من إيمان قومه هاجر إلى بلاد الشام- فرارا بدينه وقصدا إلى إرشاد الناس وهدايتهم، ثم عدّد نعمه العاجلة عليه فى الدنيا بأن آتاه بنين وحفدة، وجعل فيهم النبوة، وأنزل عليهم الكتب، وآتاه الذكر الحسن إلى يوم القيامة، ونعمه الآجلة أنه مكتوب فى عداد الكلمة فى الصلاح والتقوى.