المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه ما يتعلق بالنشأة الأولى وأنه خلق الإنسان من صلصال من حمأ مسنون، وما يتصل بالبعث والنشور وأقام على ذلك الدليل يتلو الدليل بما لم يبق بعده مستزاد لمستزيد- أردف ذلك الكلام فى نبوة محمد ﷺ وأقام الأدلة على صحتها وصدق دعواه فيما يدّعى، وكان من أعظم ذلك القرآن الكريم، لا جرم بين الله تعالى إعجازه من وجوه:
(١) إن ما فيه من القصص موافق لما فى التوراة والإنجيل مع أنه ﷺ كان أميا ولم يخالط أحدا من العلماء للاستفادة والتعلم، فلا يكون ذلك إذا إلا من وحي إلهى من لدن حكيم خبير.
(٢) إن ما فيه من دلائل عقلية على التوحيد والبعث والنبوة والتشريع العادل المطابق لحاجة البشر فى دنياهم وآخرتهم- لا يوجد له نظير فى كتاب آخر، فلا بد أن يكون ذلك من عند الله.
(٣) إنه قد بلغ الغاية فى الفصاحة والبلاغة حتى لم يستطع أحد أن يتصدى لمعارضته مع حرصهم عليها أشد الحرص، فدل ذلك على أنه خارج عن قوى الشر، وأنه من من الملإ الأعلى ومن لدن خالق القوى والقدر.
ثم ذكر بعد ذلك أنه جاء حكما على بنى إسرائيل فيما اختلفوا فيه، فأبان لهم الحق فى هذا كاختلافهم فى أمر المسيح، فمن قائل هو الله، ومن قائل هو ابن الله، ومن قائل


الصفحة التالية
Icon