ثم ذكر كيف تحيط بهم، فقال:
(يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي يوم يجلّلهم العذاب، ويكون من الأهوال والأحوال، ما لا يفى به المقال، ويقال لهم على سبيل التوبيخ والتقريع: (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ونحو الآية قوله: «لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ» وقوله «لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ» وقوله: «لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ» الآية، وقوله: «يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ» وقوله: «يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ».
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٥٦ الى ٦٠]
يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠)
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أحوال المشركين، وأنذرهم بالخسران، وجعلهم من أهل النار- اشتد عنادهم للمؤمنين وكثر أذاهم لهم ومنعوهم من العبادة، فأمرهم الله بالهجرة إلى دار أخرى إن تعذرت عليهم العبادة فى ديارهم.