وقال عكرمة: كان أهل الجاهلية إذا ركبوا فى البحر حملوا معهم الأصنام، فإذا اشتد عليهم الريح ألقوها فيه وقالوا يا رب يا رب.
قال الرازي فى اللوامع: وهذا دليل على أن معرفة الرب فى فطرة كل إنسان، وأنهم إن غفلوا فى السراء فلا شك أنهم يلوذون إليه فى حال الضراء اهـ.
(لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا) أي يشركون لتكون عاقبة أمرهم الكفران بما آتيناهم من نعمة النجاة، وليتمتعوا باجتماعهم على عبادة الأصنام وتوادّهم عليها.
ثم تهددهم وتوعدهم فقال:
(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) عاقبة ذلك حين يعاقبون يوم القيامة.
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٦٧ الى ٦٩]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (٦٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٦٨) وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أن المشركين حين يشتد بهم الخوف إذا ركبوا فى الفلك ونحوه لجئوا إلى الله وحده مخلصين له العبادة- ذكر هنا أنهم حين الأمن كما إذا كانوا فى حصنهم الحصين وهو مكة التي يأمن من دخلها من الشرور والأذى يكفرون به ويعبدون معه سواه، وتلك حال من التناقض لا يرضاها لنفسه عاقل، فإن دعاءهم إياه حال الخوف مع الإخلاص ما كان إلا ليقينهم بأن نعمة النجاة منه لا من سواه، فكيف يكفرون به حين الأمن، وهم يوقنون بأن الأصنام حين الخوف لا تجديهم فتيلا ولا قطميرا؟


الصفحة التالية
Icon