(تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) أي هذا الصراط المستقيم، والدين القويم، تنزيل من ذى العزة والرحمة بعباده.
ونحو الآية قوله: «وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ».
(لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ) أي إنا أرسلناك لتنذر العرب الذين لم يأتهم نذير من قبلك، فهم في غفلة عن معرفة الشرائع التي فيها سعادة البشر، وإصلاح المجتمع.
وذكرهم وحدهم هنا لأن الخطاب كان معهم، وهذا لا يمنع أنه مرسل إلى الناس كافة كما قال: «قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً».
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أي لقد وجب العقاب على أكثرهم، لأنه سبحانه سجل عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون به، ولا يصدّقون برسوله، لما علم من خبث نفوسهم وسوء استعدادهم، فلا تعمر قلوبهم بالإيمان، ولا تخبت لله في أي زمان.
ثم ضرب لهم مثلا فقال:
(إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) أي إنا جعلنا فى أعناقهم أغلالا فهى واصلة إلى الأذقان ملصقة بها، فهم من جراء ذلك مقمحون أي مرفوعو الرءوس، إذ أن طوق الغلّ الذي في عنق المغلول يكون في ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة فيها رأس العمود خارجا من الحلقة إلى الذقن، فلا يمكّنه من أن يطأطئ رأسه فلا يزال مقمحا.
والمراد منعناهم بموانع عن الإيمان تشبه ما ذكر، فهم غاضو أبصارهم، لا يلتفتون إلى الحق، ولا يعطفون أعناقهم نحوه، ولا يطأطئون رءوسهم له.
ثم أكد ما سبق وزاده بيانا وتفصيلا فقال: