(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) أي وجعلنا لسير القمر منازل، وهى ثمانية وعشرون منزلا ينزل في كل واحد منها كل ليلة ثم يستتر ليلتين أو ليلة إذا نقص الشهر، فإذا كان فى آخر منازله دقّ وتقوس، وهذا ما يشير إليه قوله:
(حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) أي يسير في منازله إلى آخرها حتى يدقّ ويتقوس ويصفرّ ويكون كالعود الذي عليه الشماريخ إذا أتى عليه الحول.
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) أي لا يصح للشمس ولا يسهل عليها أن تدرك القمر في سرعة سيره، لأن الشمس تجرى مقدار درجة في اليوم، والقمر يسير مقدار ١٣ درجة في اليوم، ولأن لكل منهما مدارا خاصا لا يجتمع مع الآخر فيه.
(وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) أي ولا تسبق آية الليل وهى القمر، آية النهار وهى الشمس فيحل سلطانه محلها، إذ أنهما يجريان بحساب منتظم لا يتغير ولا يتبدل.
(وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) أي وكل من: الأرض والشمس والقمر يسبح فى فلكه كما يسبح السمك في الماء، فالشمس تجرى في مدارها، والأرض تجرى حول الشمس في سنة وحول نفسها في يوم وليلة، والقمر يجرى حول الأرض كل شهر.
وعلماء الفلك قديما جعلوا الكواكب مركوزة في الأفلاك على ما نراه في كتبهم فليس للكوكب أن يسبح من تلقاء نفسه، بل لا بد له من حامل يحمله وهو الذي يدور به، وكيف يسبح ما لا حرية له ولا قدرة له على السير بل هو محمول على غيره؟
هكذا كان الرأى عندهم، ولكن رأى علماء الفلك المحدثين: أن جميع الكواكب تسير في مدارات في عالم الأثير، فهى إذا كأنها سمك في بحر لجىّ.
فاعجب أيها القارئ الكريم للقرآن كيف أثبت مادل على صحته الكشف


الصفحة التالية
Icon