بحسب ما يريدون، وإعطاء النبوة لمن يشاءون، فذلك من شئونه تعالى فهو الذي يفضل من يشاء من عباده على من يشاء.
ثم وعد سبحانه نبيه بالنصر والغلبة عليهم فقال:
(جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) أي هؤلاء الذين يقولون هذه المقالة، ويوزعون رحمة ربك بحسب أهوائهم- جند كثير من الكفار المتحزبين على المؤمنين- مغلوبون في الوقائع التي ستكون بينك وبينهم، وستنتصر عليهم كما حدث في بدر وغيرها، فأنى لهم تدبير الأمور الغيبية، والتصرف في الخزائن الربانية؟.
وهذا خبر من الله لنبيه وهو بمكة ولم يكن له يومئذ جند- أنه سيهزم جند المشركين، فجاء تأويله يوم بدر وغيره من المواقع- وهذا من أعظم المعجزات وأدل الدلائل على نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم وصدق كتابه وأنه من عند الله لا من عند البشر.
[سورة ص (٣٨) : الآيات ١٢ الى ١٥]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥)
المعنى الجملي
لما ذكر سبحانه أنهم إنما توانوا وتكاسلوا عن النظر والاستدلال لأنهم لم ينزل بهم العذاب- بين في هذه الآيات أن أقوام الأنبياء الماضين كانوا كذلك حتى حاق بهم ما كانوا به يستهزئون.
وفي هذا تخويف لأولئك الكافرين الذين كذبوا الرسول صلّى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon