ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي ثم ينادون بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون: من أخرجنا من قبورنا؟ فيجابون بأن ربكم هو الذي قدّر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفى كل عامل جزاء عمله.
الإيضاح
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي ويقولون استهزاء وإنكارا، متى يحصل هذا البعث الذي تهددوننا به تارة تصريحا وأخرى تلويحا؟ إن كنتم صادقين فيما تقولون وتعدون.
والخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم والمؤمنين من قبل أنهم كانوا يتلون عليهم الآيات الدالة عليه، الآمرة بالإيمان به.
فأجابهم ربهم:
(ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) أي ما ينتظرون بحلول العذاب إلا نفخة واحدة في الصور، بها يموت أهل الأرض جميعا تأخذهم بغتة وهم يتنازعون في أمور معايشهم لا يخطر ببالهم مجيئها.
ونحو الآية قوله: «فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ».
روى ابن جرير عن ابن عمر قال: «لينفخنّ في الصور والناس في طرقهم وأسواقهم ومجالسهم، حتى إن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومانه، فما يرسله أحدهما من يده حتى ينفخ في الصور فيصعق به وهى التي قال الله (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) ».
وأخرج الشيخان عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «لتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومنّ


الصفحة التالية
Icon