ثم ذكر أن سبب هذا الشك هو الحسد لمجىء النبوة إليه من بينهم وسيزول حين مجىء العذاب فقال:
(بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) أي إنهم لما يذوقوا عذابى بعد، فإذا ذاقوه زال عنهم ما بهم من الحسد والشك.
والخلاصة- إنهم لا يصدقون إلا أن يمسهم العذاب فيضطروا حينئذ إلى التصديق بذكرى.
ثم أنكر عليهم استبعاد نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم وطلبهم نبوة غيره من صناديد قريش فقال:
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) أي بل أيملكون خزائن رحمة الله القهار لخلقه، الكثير المواهب لهم، المصيب بها مواقعها- فيتصرفوا فيها بحسب ما يريدون، ويمنحوها من يشاءون، ويصرفوها عمن لا يحبون، ويتحكموا فيها بمقتضى آرائهم، فيتخيروا للنبوة بعض صناديدهم؟
والخلاصة- إن أمر النبوة ليس بأيديهم بل بيد العليم بكل شىء «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ».
ونحو الآية قوله: «قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً».
ثم ارتقى إلى ما هو أشد في الإنكار، فأمرهم أمر تهكم بارتقاء الأسباب فقال:
(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) أي بل ألهم ملك هذه الأجرام العلوية والأجرام السفلية حتى يتكلموا في الشئون الغيبية ويفكروا فى التدابير الإلهية التي يستأنر بها رب العزة والكبرياء؟ فإن كان الأمر كما يزعمون فليصعدوا في المعارج ويتوصلوا إلى السموات، وليدبروا شئونها حتى يظن صدق دعواهم، إذ لا سبيل إلى التصرف فيها إلا بذلك.
والخلاصة- إنه ليس لهم شىء من ذلك، فلا سبيل لهم إلى توزيع رحمة الله