وإن بطشه لشديد، وإنه لقادر على أن ينزل بهم من أنواع عقابه ما شاء، فيقول:
(كُنْ فَيَكُونُ).
(وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) أي وكانوا يعرفون أن آياتنا التي أنزلناها على رسلنا حق لا مرية فيها، ولكنهم جحدوها وعصوا رسله.
وقد يكون المراد: إنهم جحدوا الأدلة التكوينية التي نصبناها لهم، وجعلناها حجة عليهم.
ثم ذكر سبحانه ما أنزل عليهم من عذابه فقال:
(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) أي فأرسلنا عليهم ريحا باردة تهلك بشدة بردها، وإذا هبت سمع لها صوت قوىّ لتكون عقوبة لهم من جنس ما اغتروا به.
ثم بين سبحانه وقت نزول العذاب عليهم فقال:
(فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) أي في أيام مشئومات نكدات متتابعات كما قال في آية أخرى:
«سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً».
ثم بين الغاية التي من أجلها نزل العذاب فقال:
(لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي أنزلنا عليهم هذا العذاب كى نذيقهم الذل والهوان في الحياة الدنيا بسبب ذلك الاستكبار.
ثم أرشد إلى أن هذا العذاب هين يسير إذا قيس بعذاب الآخرة فقال:
(وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) أي ولعذاب الآخرة أشد إهانة وخزيا من عذاب الدنيا، وهم لا يجدون إذ ذاك نصيرا ولا معينا يدفعه عنهم.
وبعد أن ذكر قصص عاد أتبعه بقصص ثمود فقال:
(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) أي وأما ثمود فبينا لهم الحق على لسان نبيهم صالح، ودللناهم على سبل النجاة بنصب الأدلة التكوينية، وإنزال الآيات التشريعية، فكذبوه واستحبوا العمى على الهدى، والكفر على الإيمان.