ثمود حين كذّب قدار فعقر الناقة فنسب التكذيب إلى ثمود جميعها كما قال: «كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها. إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها. فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها. فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها. فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها. وَلا يَخافُ عُقْباها».
والخلاصة- إنهم كفروا بيوسف في حياته، وكفروا بمن بعده من الرسل بعد موته، وظنوا أن ذلك لا يجدد عليهم الحجة.
وقد قالوا هذه المقالة على سبيل التشهي والتمني من غير حجة ولا برهان، ليكون لهم أساس في تكذيب من بعده، وليس إقرارا منهم برسالته، بل هو ضم إلى الشك فى رسالته التكذيب برسالة من بعده.
ثم بين أنه لا عجب في تكذيبهم فقد طمس الله بصائرهم، وران على قلوبهم، حين دسّوا أنفسهم بقبيح الخصال وعظيم الآثام.
(كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) أي مثل هذا الضلال الواضح، يضل الله ويصد عن سبيل الحق، وقصد السبيل من هو مسرف في معاصيه مستكثر منها، شاك في وحدانيته ووعده ووعيده، لغلبة الوهم عليه، وانهما كه في التقليد.
ثم بين هؤلاء المسرفين المرتابين فقال:
(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ) أي إن المسرفين المرتابين هم الدين يخاصمون في حجج الله التي أتتهم بها رسله ليدحضوها بالباطل من الحجج التي لا مستساغ لها من عقل ولا نقل، فيتمسكون بتقليد الآباء والأجداد، ويتمسكون بترّهات الأباطيل التي لا يتقبلها ذوو الحصافة والرأى.
ثم أكد ما سلف وقرره وتعجب من حالهم فقال:
(كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي كبر ذلك الجدل بغضا لدى الله والمؤمنين، فمقت الله إياهم يكون بما يستتبعه من سوء العذاب، ومقت المؤمنين تظهر آثاره في هجرهم إياهم، والاحتراس من التعامل معهم، وعدم الركون إليهم في الدين والدنيا.