(عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) أي عليه لا على غيره يعتمد العاملون.
وفي الحديث «من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله عز وجل أوثق منه بما في يديه، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله عز وجل».
وروى عن ابن عباس أنه قال: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الناس لو اجتمعوا على أن يضروك بشىء لم يكتبه الله عليك لم يضروك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشىء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك، رفعت الأقلام وجفّت الصحف، واعمل لله بالشكر في اليقين. واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا».
ونحو الآية قول هود عليه السلام: «إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ. مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ. إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها» حين قال له قومه: «إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ».
ولما أورد عليهم الحجة التي لا دافع لها أمر رسوله أن يقول لهم على وجه التهديد:
(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ. مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) أي اعملوا على ما أنتم تعتقدون في أنفسكم من القوة والشدة واجتهدوا في أنواع مكركم وكيدكم فإنى عامل أيضا في تقرير دينى والسعى في نشره بين الناس، فسوف تعلمون أن العذاب والخزي في الدنيا يصيبنى أو يصيبكم، فيظهر حينئذ أيّنا المبطل أنا أو أنتم، ويحل علىّ العذاب المقيم الدائم في الآخرة أو عليكم.