فى دنياكم، إذ قد خدعتكم بزخارفها، فظننتم أن لا حياة بعد هذه الحياة- فلا مأوى لكم إلا جهنم فادخلوها، ولا مخرج لكم منها، ولا عتبى حينئذ، فلا تنفع توبة مما فرط منكم من الذنوب.
الإيضاح
فصل سبحانه فى هذه الآيات حالى السعداء والأشقياء فقال:
(١) (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ) أي فأما الذين آمنت قلوبهم، وعملت جوارحهم صالح الأعمال التي أمر بها الدين، فيكافئهم ربهم على ما عملوا، ويدخلهم جنات النعيم.
جاء فى الحديث الصحيح أن الله تعالى قال للجنة «أنت رحمتى، أرحم بك من أشاء».
ثم بين خطر ما نالوا وعظيم ما أوتوا فقال:
(ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) أي هذا هو الظفر بالبغية التي كانوا يطلبونها، والغاية التي كانوا يسعون فى الدنيا لبلوغها، وهو فوز لا فوز بعده.
(٢) (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ) أي وأما الذين جحدوا وحدانية الله فيقال لهم تأنيبا وتوبيخا: ألم تكن تأتيكم رسلى فتتلوا عليكم آيات كتبى، فتستكبرن عن الإيمان بها؟ ولا عجب فديدنكم الإجرام، وارتكاب الآثام، والكفر بالله، لا تصدقون بميعاد، ولا تؤمنون بثواب ولا عقاب.
(وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ؟ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) أي وكنتم إذا قال لكم المؤمنون: إنه سبحانه وتعالى باعثكم من قبوركم بعد موتكم، وإن الساعة التي أخبركم أنه سيقيمها لحشركم وجمعكم للحساب والثواب على الطاعة والعقاب على المعصية، آتية لا ريب فيها، فاتقوا الله وآمنوا به، وصدقوا برسوله، واعملوا لما ينجيكم من عذابه- قلتم لعتوّكم واستكباركم متعجبين مستغربين، ما الساعة؟ نحن لا علم لنا بها، وما نظنها آتية إلا ظنا لا يقين فيه.