الفلك والأنعام، ثم تذكروا نعمة ربكم الذي أنعم به عليكم، فتعظموه وتمجّدوه وتقولوا تنزيها له عما يصفه المشركون: سبحان الذي سخر لنا هذا الذي ركبناه، وما كنا لولا تسخيره وتذليله بمطيقين ذلك، فالأنعام مع قوّتها ذللها للانسان ينتفع بها حيث شاء وكيفما أراد، ولولا ذلك ما استطاع الانتفاع بها، ولقد أشار إلى نحو من هذا العباس ابن مرداس فقال فى وصف الجمل:
وتضر به الوليدة بالهراوى | فلا غير لديه ولا نكير |
أخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سافر ركب راحلته ثم كبر ثلاثا ثم قال:
(سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ).
قال القرطبي: علّمنا سبحانه وتعالى ما نقول إذا ركبنا الدواب، وعرّفنا فى آية أخرى على لسان نوح عليه السلام ما نقول إذا ركبنا السفن، فكم من راكب دابة عثرت به أو شمست أو تقحّمت أو طاح عن ظهرها فهلك، وكم من راكب سفينة انكسرت به فغرق.
فلما كان الركوب مباشرة أمر محظور، واتصالا بسبب من أسباب التلف، أمر ألا ينسى عند اتصاله به موته وأنه هالك لا محالة فمنقلب إلى الله عز وجل غير منقلت من قضائه، ولا يدع ذكر ذلك بقلبه ولسانه حتى يكون مستعدّا للقاء الله، والحذر من أن يكون ركوبه ذلك من أسباب موته فى علم الله وهو غافل عنه اه.
ولأجل ما تقدم أشار بقوله:
(وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) أي وإنا لصائرون إلى ربنا بعد مماتنا، فيجازى