وقد رد الله عليهم مقالهم فقال:
(أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ؟) أي أحضروا خلق الله لهم، فشاهدوهم بنات حتى يحكموا بأنوثتهم؟.
ونحو الآية قوله: «أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ».
وفى هذا تجهيل شديد لهم، ورمى لهم بالسفه والحمق.
ثم توعدهم على مقالهم فقال:
(سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) أي ستكتب هذه الشهادة التي شهدوا بها فى الدنيا فى ديوان أعمالهم، ويسألون عنها يوم القيامة ليأتوا ببرهان على صحتها، ولن يجدوا لذلك سبيلا.
وفى هذا دليل على أن القول بغير برهان منكر، وأن التقليد لا يغنى من الحق شيئا.
ثم حكى عنهم فنّا آخر من فنون كفرهم بالله جاءوا به للاستهزاء والسخرية فقال:
(وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) أي وقالوا لو شاء الله لحال بيننا وبين عبادة الأصنام التي هى على صورة الملائكة، فإنه تعالى عالم بذلك وهو قد أقرّنا عليه.
وقد جمعوا فى هذا أفانين من الكفر وضروبا من الترهات والأباطيل، منها:
(١) إنهم جعلوا لله ولدا تقدس سبحانه وتنزه عن ذلك.
(٢) دعواهم أنه اصطفى البنات على البنين، إذ جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا.
(٣) عبادتهم لهم بلا دليل ولا برهان ولا إذن من الله، بل بالرأى والهوى والتقليد للأسلاف.
(٤) احتجاجهم بتقدير الله ذلك، وقد جهلوا فى هذا جهلا كبيرا، فإنه تعالى أنكر ذلك عليهم أشد الإنكار، وهو منذ أن بعث الرسل وأنزل الكتب يأمر بعبادته


الصفحة التالية
Icon