روى أنس بن مالك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أرحم أمتى أبو بكر، وأشدهم فى أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علىّ، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبىّ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح».
ثم بين أنه إنما جعلهم كذلك.
(لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) أي إنه تعالى نمّاهم وأكثر عددهم ليغيظ بهم الكفار، إذ يعتقدون أن الله متمّ بهم نوره ولو أبى الجاحدون.
[تنبيه] هذه أوصاف الأمة الإسلامية أيام عزها، فانظر الآن وتأمل فى تخاذلها وجهلها حتى أصبحت مثلا فى الخمول والجهل، وأصبحت زرعا هشيما تذروه الرياح، فكيف يجتمع عصفه وتبنه؟
ولعل الله يبدل الحال غير الحال ويخضرّ الزرع بعد ذبوله، وتعود الأمة سيرتها الأولى مهيبة مرعية الجانب مخشية القوة.
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) أي وعد سبحانه هؤلاء الذين آمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم أن يغفر ذنوبهم ويجزل أجرهم بإدخالهم جنات النعيم، ووعد الله حق وصدق لا يخلف ولا يبدل.
وكل من اقتفى أثر الصحابة فهو فى حكمهم، ولهم السبق والفضل والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد.
روى مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «لا تسبوا أصحابى، فو الذي نفسى بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه (نصفه) »
رضى الله عنهم وأرضاهم.
[خاتمة] هذه السورة آخر القسم الأول من القرآن الكريم وهو المطول، وسيأتى القسم الثاني، وهو المفصل.