عن عوف بن مالك الأشجعى قال «انطلق النبي صلّى الله عليه وسلّم وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود يوم عيدهم، فكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا معشر اليهود أرونى اثنى عشر رجلا منكم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، يحطّ الله عن كل يهودى تحت أديم السماء الغضب الذي عليه، فسكتوا فما أجابه منهم أحد، ثم رد عليهم فلم يجبه أحد ثلاثا، فقال: أبيتم، فو الله لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا المقفّى، آمنتم أو كذبتم، ثم انصرف وأنا معه حتى كدنا تخرج، فإذا رجل من خلفه فقال: كما أنت يا محمد فأقبل، فقال ذلك الرجل: أىّ رجل تعلمونى فيكم يا معشر اليهود، فقالوا: والله ما نعلم فينا رجلا أعلم بكتاب الله، ولا أفقه منك ولا من أبيك ولا من جدّك، فقال فإنى أشهد بالله أنه النبي الذي تجدونه مكتوبا فى التوراة والإنجيل، قالوا كذبت، ثم ردوا عليه وقالوا شرّا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كذبتم لن يقبل منكم قولكم، فخرجنا ونحن ثلاثة: رسول الله وأنا وعبد الله ابن سلام فأنزل الله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ- إلى قوله- إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
أخرجه أبو يعلى وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه السيوطي.
ثم حكى نوعا آخر من أقاويلهم الباطلة فى القرآن العظيم والمؤمنين به فقال:
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) أي وقال كفار مكة لأجل إيمان من آمن من فقراء المؤمنين كعمار وصهيب وابن مسعود ومن لفّ لفّهم:
لو كان ما أتى به محمد خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء، فإن معالى الأمور لا تنالها أيدى الأراذل، وهؤلاء سقّاط الناس ورعاة الإبل والشاء، وقد قالوا ذلك زعما منهم أنهم المستحقون للسبق إلى كل مكرمة، وأن الرياسة الدينية مما تنال بأسباب دنيوية، وقد غاب عنهم أنها منوطة بكمالات نفسية وملكات روحية مبناها الإعراض عن زخارف الدنيا الدنية


الصفحة التالية
Icon