ولم يقيد هنا العباد بالإنابة كما قيد به فى قوله: «تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ» لأن التذكرة لا تكون إلا لمنيب، والرزق يعم كل أحد، غير أن المنيب يأكل ذاكرا وشاكرا للإنعام، وغيره يأكل كما تأكل الأنعام، ومن ثم لم يخصص الرزق بقيد.
(وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) أي وأحيينا بذلك الماء الأرض المجدبة التي لا نبات فيها فتربو وتنبت من كل زوج بهيج.
ثم جعل ما سلف كالدليل على البعث لأنه شبيه به فقال:
(كَذلِكَ الْخُرُوجُ) أي ومثل هذه الحياة البديعة حياتكم بالبعث من القبور.
وفى التعبير عن إخراج النبات من الأرض بالإحياء، وعن إحياء الموتى بالخروج تفخيم لشأن الإنبات وتهوين لأمر البعث: وتحقيق للمماثلة بين إخراج النبات وإحياء الموتى لتوضيح منهاج القياس، وتقريبه لأفهام الناس.
[سورة ق (٥٠) : الآيات ١٢ الى ١٥]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤) أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥)
تفسير المفردات
الرس: البئر التي لم تطو أي لم تبن، وأصحابه هم من بعث إليهم شعيب عليه الصلاة والسلام، والأيكة: الغيضة الملتفة الشجر، تبّع: هو تبع الحميرى، والعي